الفلسفة

مصدر المعرفة عند الحدسيين (المذهب الحدسي)

«الحدس» في الفلسفة، هو الإدراك المباشر لحقيقة أو فكرة ما حاضرة أمام الذهن، دون استدلال أو قياس تمهيدي، والمعرفة الحدسية لا تحتاج إلى معيار خاص لقيمة الصدق، فطبيعتها واضحة ليست في حاجة إلى برهان.

وقد عرف تاريخ الفلســفة أشكالا مصــدر المعرفــة اليقينية، وهناك الحدس الرياضي الذي اعتبره ديــكارت معياراً للصدق واليقين، كذلك احتلت المعرفة الحدسية ً موقعا ً مهما في فلسفة «سبينوزا».

الحدس كمصدر للمعرفة عند برجسون:

 برجسون هنري (م١٩٤١ – ١٨٥٩) H.Bergson 

 هاجم الفيلســوف الفرنسي «برجسون» كلا من المعرفة الحسية (التجريبية) والمعرفة العقلية، ونادى  بمعرفة من نوع مختلف هي المعرفة الحدســية، التي تعتمد على «الوجدان» أو الحس الباطني. والحدس كما يتصوره «برجســون» هو نوع من الإدراك المباشــر لمجريات شــعورنا الداخلي، وهو ملكة خاصة يستطيع الإنسان من خلالها فهم الحياة والتغلغل في أعماقها الداخلية، لذلك فهو يميز بين الفلسفة والعلم، وبين العقل والوجدان، فالعقل لديه هو أداة العلم، أما الوجدان فهو أداة الفيلسوف.

 ويــرى برجســون أن العقل عاجز ً تماما عن تزويدنــا بالمعرفة اليقينية الشــاملة، أو المعرفة بجوهر الأشــياء، لأنــه إذا كانت لديه بعض القدرة فــي مجال الحس الخارجي أو مجال العلــم، فإن هذه القدرة تتلاشى ً تماما في مجال الحس الباطني أو ميدان الحياة، لأن العقل يعجز عن إخضاع مجال الحس الباطني لمقولاته، ومن ثم لا بد وأن تكون هناك ملكة أخرى بهذا المجال العاطفي – أو ما يســميه برجســون بالزمان الشــعوري – هي ملكة الحدس فبواسطتها ندرك الأشياء من الداخل حيث تنفذ إلى باطن الشيء لتكون ً شيئا واحداً مع ما فيه من أجزاء.

والمعرفة الحدســية وحدها تصلح أن تكون مصدراً للمعرفة الحقة، التي تفوق كل المعارف الحسية والعقلية لأنها وحدها التي تدرك الجانب الروحي في موضوع المعرفة. وهناك فرق بين من يصف مدينة سمع عنها أو شاهدها في فيلم ومن يعيش في قلب هذه المدينة فهو يعيش الواقع الحي الشامل للأشياء ويتعاطف معها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Alert: Content is protected !!