نص اثرائي رأس السيف المسافر قراءة في شعر سيف الرحبي لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني

نص اثرائي رأس السيف المسافر قراءة في شعر سيف الرحبي لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني لمنهج سلطنة عمان
قراءة في شعر سیف الرحبیی
من عمان هذا الصوت المكتظ بالعذاب، سيف الرحبي يطرح علينا الصوت المرتجف رعبا والممعن في
الهجوم والمباغتات، منذ أن بدأ مشاغبته مع الكتابة كان متوزعا في الخرائط.
أصدر كتابه الأول”نورسة الجنون “في دمشق، والثاني أيضا “الجبل الأخضر” وكتابه الثالث”أجراس القطيعة” في
باريس، وأصدر عذابه الرابع “رأس المسافر” من المغرب. منحته مضارب العرب وجعا يليق به، ولم تبخل عليه
مدن الآخرين بالخذلان والمطاردات، طبيعة هذا الرحيل، هذا السفر الغزير، صاغت لتجربته الرؤى المفاجئات.
مبكرا كان يعرف:”رأسي المشطور في صليل الجهات “”أجراس القطيعة” ولذلك لم يكن أكثر صدقا لكتابه الأخير
من عنوان: “رأس المسافر”.
لكن عنصر المفاجأة ليس في هذا فقط، بل أيضا في طلوع تجربة سيف الرحبي الشعرية من حيث لا
يتوقع سدنة الأدب الخليجي فعهدنا بالشعر في عمان حديثاً يتصل بالمرحوم عبدالله الطائي، الذي كان آخر
العمانيين المقتحمين لحدود الخريطة: حياة وكتابة، وفيما عدا ذلك فقد ظل الشعر هناك أسير حداثة تعتبر
أحمد شوقي متطرفا في تجديده للقصيدة ! وأخيرا تحضر الكوكبة الجديدة من الشباب المسكون بشهوة
التغيير، يخرجوننا من موقد التجربة، لهبا يتأجج بما لا يقاس من الاتصال بأفق العالم؛ ليشكلوا انعطافة
رؤيوية تعلن بشكل جيد عن طموحها، قد تتفاوت في الوعي الفني، لكنها مأخوذة بالاحتمالات، التي تتفجر في مناطق عديدة من خريطة النص الشعري.
سيف الرحبي ليس وحده، ربما كان الأبرز من بينهم، لكن هناك أصواتا جديدة، ينبغي أن تفاجئ
الكتابة العربية قريبا، وسوف تفعل ذلك حقا، وسوف يتاح لنا أن نحاورها في حميمية العناق، والرفقة، فنحن
نشعر أنها أحد الهجومات الإبداعية الواثقة، التي سوف ترافقنا للتنكيل بمُسَلّمات الواقع الأدبي، ومنظوراته
ورموزه الراجعة فالتجربة الجديدة للكتّاب الشباب العمانيين، تبدو في أفضل نصوصها مثظة بالقول،
وشكله، بالجرح ونزيفه، بالحياة وأعبائها .. وهذا ما يرشحها لقدر كبير من المحتملات.
مع رأس المسافر، يدخل سيف الرحبي مرحلة جديدة في النص الشعري، ويقينا أن تجربة هذا الشاعر
ستظل بحاجة لتأمل نقدي، يتيح لنا أن نكتشف حركة القصيدة عنده، منذ الكتاب الأول حتى رأس المسافر.
عند سيف ليست الكتابة نزهة، إنها الطرق التي لا ينام فيها المسافر إلا ورأسه مسنود إلى مُقضِلةُ الكتابة
هنا هي الحلم الذي يوازي الحياة، يضاهيها ولا يقلدها أبدا.
منذ كتابه الأول فتح سيف الرحبي لنصوصه أفقا لم تكتشفه تجارب من سبقوه، ليس في عمان فحسب،
ولكن في مناطق كثيرة من هذه المنطقة.
إنه أفق الحلم، الحلم الذي كانت جلافة الواقعية تحاصره، وتحرم من طاقاته التجارب المتراكمة، ومن
ركام يشبه اليأس تيسر لسيف الرحبي أن يخترق السائد، ولنقل هنا أن للخروجيات التي لم يتوقف عنها سيف
طوال حياته بعد خروجه من قريته دورا كبيرا في الاستعداد الذاتي لممارسة الحلم بحرياته، فمن لا يمكنه النوم لا
يمكنه الكتابة، لا يمكنه اليقظة، صارت للكتابة مشاغل أكثر عمقا وجمالا، من مشاغل النص السابق عند سيف
ليس أن يرمم حياة الآخرين، ولكن أن يسأل حياته تماما،كما يضيء السجين في زنزانته تبادلته الكهوف
والأرصفة، القيود والحريات، ثلاثون عاما هذا العمر الذي حوشته من دهاليز الأجداد، كل هذا العذاب، هذه
التجربة التي تسورها الكوابيس، وعلينا بعد ذلك أن نفهم مفارقة أن يكون الشاعر قد ولد في قرية عمانية تدعى
سرور.
سرور !! وبعد ذلك أوشِك – لفرط الوجع – على نسيان المعنى
الأصلي للكلمة ..
“لم ترضعني أم
لم تأویني بلاد
استيقظت فرأيت القطارات
تنهب عمري بخجل المسافات”.
لكنه عرف معترك الحضاراتْ، وأن الكتابة ليست تلك التي كتبها
السابقون، وتعلّمَ أن لا يلتفت كثيرا إلى الخلف. وهذا ما أوقع الآخرين في
مأزق البغتة، وهم يطالعون النصوص التي يبعثها سيف الرحبي من مدن كثيرة إلى أصدقاء يتكوكبون في مناخ
يتصاعد مثل بخار الجحيم.
ومقاربة مع الكتب السابقة، يستطيع رأس المسافر أن ينقلنا بلغته الزاخرة، إلى السيطرة التي استطاع
سيف الرحبي أن يحققها على أدواته، وربما جاز لنا أن نكتشف الوشائج المتبلورة، التي تشد تجربة اللغة الشعرية
في هذه المجموعة بلغة نورسة الجنون، دون أن يكون لأجراس القطيعة سطوة على هذا التطور، أو هكذا شعرت،
وأنا أعيد قراءة المجموعات أكثر من مرة مقارنا بين بناء الصورة، واللغة وطاقاتها. هنا وهناك يبدو لي أن
أجراس القطيعةُ سوف تظل مناخا لغويا محدودا. لم يتصل باحتمالات التطور في نورسة الجنون، ولم يؤسس
برزخا لتجربة رأس المسافر، ولعل تأملا نقديا متخصصا سوف يسعف هذا الانطباع، ويكشف لنا مقاربات
جدیدة.
سلطة التقليد الحديث
في سياق التجربة الشعرية التي برزت في حداثة السنوات العشرين الأخيرة، سوف يبدو سيف الرحبي
صوتا حمل قدرا منسجما من الجرأة مع جرأته الفكرية تلك الجرأة التي رشحته للاتصال المباشر بعناصر اللغة
الشعرية الجديدة. وربما يمكن القول إنه الوحيد، من بيننا- الذي نجا بتجربته من سلطة التقليد الحديث، التي
تمثلت في الوزن، التفعيلة، والتي عرضت بعض التجارب لمعاناة التأرجح بين الوزن، والنثر في النص الواحد، حينا
بوعي. رغبة في استغلال أقصى طاقات التفعيلة في تجارب جديدة، وحينا آخر بغير إدراك ظنا أن هذا الشرط هو
الذي يرشح القصيدة لأن تكون سفرا فحسب.
سيف الرحبي بدأ منذ الوهلة الأولى يكتب القصيدة الجديدة. جديدة، ليس زمنيا، لكن رؤيويا، هذا هو
ما يناسبها، حيث استمرار الجدة تنبع من النص، وليس من الرزنامة. ينبغي أن نسمي الأشياء بأسمائها. لم يعد
إطلاق قصيدة النثر مناسبا، فهذا الالتباس يحمل خللا لا يجوز السكوت عليه. الشعر فقط هذا ما يجب الاحتفاء
به.
-قاسم حداد-
الوطن الثقافي/ الكويت
(موقع سيف الرحبي)
شاهد ايضا
نص اثرائي انشودة المطر لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني
حل جميع دروس كتاب المؤنس لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني
الرابط المختصر للمقال: https://zadelm.com/?p=31714