عمان

تقرير عن حارة اليمن بولاية ازكي بسلطنة عمان

هنا تقرير عن حارة اليمن بولاية ازكي بسلطنة عمان

بين بابي سعنة واليمن سوق تباع فيها النفوس بلا ثمن. اليمن. اسم يحي إلى التاريخ. وهجرات العرب منها عند انهيار سد مارب وكانت هذه البقعة من ولاية ازكي في داخلية عمان نقاط استقرارهم فكانت هذه الحارة حارة اليمن. سميت بهذا الاسم لأن سكانها القدامى من العرب اليمنيين وهم القحطانيون واليمن بفتح الياء والميم. كما أوردها المؤرخون في كتاباتهم الادبية التاريخية كالسالمي في كتابه تحفة العيان بسيرة اهل عمان وابن رزيق في كتابه الفتح المبين في سيرة السادة البوسعديين. وكذلك السرحني في كتابه كشف الغمة.
عندما تسلك ايا من طرقات حارة اليمن او سككها فانما تمشي على ادييم من تاريخ تنطق حبات رمله باحداث تواترت واجيال على تقلبات الدهر. تعاقبت. تعد حارة اليمن من بين أقدم حارات ولاية إيزكي بمحافظة الداخلية, وكما نلاحظ ونشاهد بأنها قديمة البنيان عظيمة الشان, يحيط بها سور من جميع الاتجاهات, وبها ثلاثة أبراج دفاعية, والملاحظ أن البعض يطلق عليها ايمان بنون بنون اللام المعرفة وسكون الياء والنون وفتح الجيم, وذلك لاستسهال النطق بها كما ورد عند البهلاني في كتابه نزهة المتأملين في معالم الازكوويين.
وتحدثك جدران المباني بعراقة المكان العبقة رغم تعاقب الدهور وخواء الدور فالحارة لازالت محتفظة بجانب كبير من عنفوانها وتفاصيل مبانيها وهندستها البديعة. ابواب لا زالت صامدة باقة إبداعها متشبثة بجدران تأب الانحناء رغم تهاوي اسقف الكثير من البيوت. صامدة بدقة صناعتهاذخ. تفاصيلها ونقوشها. ولا زالت تستوقف الباحث المنقب والزائر العابر.
تعد هذه الحارة من بين أقدم المستوطنات في عمان حيث توجد إشارات إليها فيما يسمى بنقوش ألواح أشتار الخاصة بالملك الآشوري آشور بنيبال والتي تعود للقرن السابع الميلادي وتمت الإشارة إلى ذلك في كتاب بعنوان حارة اليمن التوثيق وخطة الإدارة صادر عن وزارة التراث والثقافة العمانية وهذا ما يؤكد على ان هذه المستوطنة قديمة وتعود الى ما قبل الاسلام. وتشير مصار إلى أن عملية إعادة بناء هذه الحارة كما هو عليه حالياً تمت في القرن الثامن عشر للميلاد. كما تشير المصادر التاريخية الى ان جامع إزكي القديم الموجود بداخل هذه الحارة تم ترميمه في عهد الإمام عزان بن قيس في القرن التاسع عشر للميلاد.
الناظر إلى الحارة يرى لوحة بارزة على صفحة القديم مخطط سكني متكامل البيوت على شكل مربعات او مجموعات مبنية باللبن والحجارة وبعضها بالحصى والصار تزينهاوافذ. وابواب خشبية متقنة الصنع تربط فيما بينها سكك تؤدي الى طرقات اوسع يسلك فيها الماش الى مرافق الحارة العامة والى مخارجها العديدة. ويحيط بالجميع سور منيع به ثلاث قلاع, وعدة ابراج دفاعية, واربعة مداخل تسمى صباحات.
حارة اليمن نموذج من نماذج العمارة الإسلامية وذلك من خلال السور, هذا إلى جانب الأبراج الثلاثة الى جانب الابواب الاربعة المحيطة بجوانبها, فمن هذه الابواب نجد ان هناك ثلاثة منها مغلقة كجهة امنية بالاضافة الى الباب الرئيسي الذي يطلق عليه باب الصباح.
هنا تجد الجامع القديم الذي كان جامع ازكي الاكبر حتى عهد قريب وما يدل على ضخامة هذا الجامع انه كان يضم أربعة وستين عمودا تقلصت الى ستة عشر عند اعادة ترميمه الذي كان بين عامي ألف وثمانمائة وثمانية وستين ميلادية والف وثمانمائة وسبعين ميلادية وبه ثمانية ابواب ومحراب بديع. وغير بعيد يوجد مسجد ابي سبت. نمط البناء قائم على استخدام المواد المحيطة بالبيئة كالطين والحجارة بالإضافة إلى الأخشاب لاسيما خشب النخيل والتي تمثل أعمدة او ما يطلق عليها باسم الجذوع التي تستخدم في السقف.
تتوزع بين جنبات حارة اليمن خمسة مجالس عامة كانت مفتوحة لكل من ارادها من اهالي الحارة لمناسبة خاصة او عامة وتغذي الحارة اربع ابار مياه داخل اسوارها للشرب ولاستخدامات سكانها عدا التي تجري تحتها او قريبا منها.
وجود الجامع الكبير ووجود المرافق المتعددة المتمثلة في الطرقات والممرات وهناك نظرة مستقبلية لهذه الممرات حيث أنها متسعة وتتسع الوقت الحاضر لمرور السيارات. أيضاً من أبرز معالمها وجود المنازل ووجود الآبار المياه بالاضافة الى المحلات التجارية والدكاكين.
تغنى بالحارة كثير من ساكنيها وزائريها. وهي الحارة العريقة بتاريخها, الغنية برجالاتها الذين تعاقبوا على سكناها, علماء وفقهاء وشعراء مزهوة بهم, ويزهون بها, تستثير اقلامهم, منذ القرون الأولى وحتى العصر الحديث.
وهي العامرة بأهلها على مدى هذه القرون التي امتدت حتى منتصف ثمانينيات القرن العشرين عندما خرج اهلها الى فضاءات أخرى. برز من هذه الحارة مجموعة من أشهر العلماء والفقهاء الذين كان لهم الدور الكبير في التاريخ العماني.
من أشهرهم الشيخ أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي. وهو صاحب كتاب الجامع الذي عاش في اواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري, وكان احد اصحاب مدرسة الرستاق.
كذلك الشيخ القاضي اللبييب والشاعر الاديب سالم بن محمد بن سالم الدرمكي ويكنى بأبي الاحول عاش في القرن الثاني عشر هجري ومطلع القرن الثالث عشر الهجري ببلدة اليمن حيث اشتهر بغزارة علمه وفصاحة شعره ومن أشهر قصائده قصيدته النونية في مدح السيد حمد بن سعيد بن أحمد البوسعيدي ويقول في مطلعها ما بين بابي عين السعنة واليمن سوق تباع به القلوب بلا ثمن. وكذلك من أشهر الأدباء والشعراء المعاصرين الشيخ الأديب الشاعر ناصر بن علي الصقري والشيخ الفقيه والشاعر الاديب خلفان بن محمد الرواحي والشيخ الدكتور الفقيه سالم بن محمد الرواحي.
ما بين بابي السعنة واليمن سوق تباع فيها النفوس بلا ثمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Alert: Content is protected !!