نظرية المعرفة
نظرية المعرفة
تختص هذه النظرية بالبحث في طبيعة المعرفة الإنســانية وتفســير ماهيتهــا، وتعالج بطريقة نقدية مشكلات الحواس والعقل وحدودهما ومدى قدرتهما على المعرفة أو حدود ومعايير الوثوق بما نعرف، وكيف نعرف؟ وقيمة ما نعرف.
إننــا نميل إلــى أن نكون متيقنين ً تماما بما نعرف عن العالم، وكثيراً ما نصدم عندما نكتشــف أن ما تصورناه حقيقة قد ثبت زيفه، وإذا ما تكرر حدوث ذلك فقد نتشكك في كل حقيقة.
وعلى ســبيل المثال فتاريخ الأفكار الإنســانية ملآن بالنظريات التي آمن بها البعض ثم هجرت بعد أن اتضــح خطؤهــا، فإذا كان الكثير مما اعتبر حقيقة قد ثبت بطلانه أو عدم جدواه، فكيف إذن نصل إلى معرفة نطمئن إليها، وبعبارة أخرى كيف نحصل على اليقين في المعرفة الإنسانية؟
برغم أن البدايات الأولى لما نسميه «نظرية المعرفة» قد تبلورت مع بدايات الفلسفة الحديثة على يد الفيلسوف الفرنسي «ديكارت» وفصل فيها القول على يد الفيلسوف الإنجليزي «جون لوك»، ومن بعده الفيلســوف الألماني « ْ كانت» وبذلك تأسست نظرية المعرفة، فإن الاهتمام بها قد شغل الفلاسفة منذ الفلســفة اليونانية القديمة ولكنها لم تكن منفصلة عن المباحث الفلسفية الأخرى، فجمع بعضهم بينهــا وبين مبحث الوجود، ً وأحيانــا أخرى بينها وبين علم المنطق على اعتبار أن المنطق يبحث في القوانين الصورية للتفكير الإنساني وصحة التفكير ومعايير الصدق فيه، وذهب غيرهم إلى ربطها بعلم النفس الذي يدرس العمليات الذهنية التي يقوم بها العقل في كسب معلوماته. وقد تلاشت هذه النظرة بعد أن تأسست نظرية المعرفة في العصر الحديث وأصبحت ً مبحثا ً فلسفيا ً متكاملا يجيب عن العديد من التســاؤلات التي يطرحها الفلاسفة حول إمكان المعرفة، فتواجه مشكلة الشك ومصادر المعرفة، والتفرقة بين المعرفة القبلية التي تســبق التجربة، والمعرفة البعدية التي تجيء ً اكتســابا بعد التجربة، وتدرس الشــروط التي تجعل الأحكام ممكنة والتــي تبرر وصف الحقيقة بالصدق المطلق – إن كان هذا ً ممكنا – وتهتم بمعرفة اتصال قوي الإدراك بالشــيء المدرك، وعلاقة الأشــياء المدركة بالقوى التي تدركها، أي طبيعة المعرفة.
وقــد مثل كل من هذه التســاؤلات ً مبحثا ً فرعيا داخل نظرية المعرفة، وهكذا يزخر تاريخ الفلســفة ً قديما ً وحديثا بالمذاهب الفلسفية المختلفة تجاه:
أ – مصادر المعرفة الإنسانية.
ب – إمكان المعرفة الإنسانية وحدودها.
جـ – طبيعة المعرفة الإنسانية.